وذلك ما ينبغي اعتقاده في قصة آدم وذريته والخروج من الجنة ، فقد أهبط آدم عليه السلام منها على وجه الكفارة للذنب الذي وقع فيه ، وحذره الله منه ، كما قال سبحانه : (فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَكَ وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى (117) إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى (118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا تَضْحَى (119) فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا مِنْهَا فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى (121) ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ) طه/117 – 124
فكيف تعاقب الذرية من عهد آدم عليه السلام إلى قيام الساعة على ذنب واحد قد تاب منه صاحبه ، وتاب الله عليه ، وطويت صفحته ، والله عز وجل أرحم من أن يؤاخذ الناس كلهم بأكل والدهم من الشجرة .
ولو تأملنا لوجدنا أنه سبحانه خلق آدم عليه السلام أول ما خلقه ليعبد الله في الأرض ، وليكون خليفة فيها يعمرها بطاعة الله ، قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30. وإنما كان ما جرى له في الجنة ابتلاء واختبار ليكون عبرة لمن بعده إلى قيام الساعة ، وليس عقوبة لذريته على خطيئته السابقة .
ثم إن العقوبة تستلزم أحد أمرين : إما إلحاق العذاب ، أو الحرمان من خير أعطيه ، وكلا المعنيين لم يقع في حال بني آدم
فقولك في بداية سؤالك : " لو لم يعص آدم ربه لكان البشر جميعًا في الجنة الآن " غير مسلّم وليس بلازم ، فقد خلق الله عز وجل الإنسان ليعبده بإرادته الحرة ، وأخبر الملائكة أنه سبحانه سيخلق خليفة في الأرض ، يختلف في خلقه وتكوينه عن الملائكة ، فاستخلاف البشر في الأرض أمر مقدر قبل خلق آدم عليه السلام ، وقبل أكله من الشجرة
الله لا يجعل الذنب ذنبا لمن لم يفعله ؛ فإنه هو القائل : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )، فمن الممتنع أن يضاف إلى محمد صلى الله عليه وسلم ذنب آدم صلى الله عليه وسلم ، أو أمته ، أو غيرهما . وقد قال تعالى : ( فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم )، وقال تعالى : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك )، ولو جاز هذا لجاز أن يضاف إلى محمد ذنوب الأنبياء كلهم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/ 314)
ويقول أيضا رحمه الله :
" معلوم أن إبراهيم كان أبوه كافرا ولم يؤاخذه الله بذنب أبيه ، فكيف يؤاخذه بذنب آدم وهو أبوه الأبعد ، هذا لو قدر أن آدم لم يتب ؛ فكيف وقد أخبر الله عنه بالتوبة ؟ ثم يزعمون أن الصلب الذي هو من أعظم الذنوب والخطايا : به خلَّص الله آدم وذريته من عذاب الجحيم ، وبه عاقب إبليس ، مع أن إبليس ما زال عاصيا لله مستحقا للعقاب ، من حين امتنع من السجود لآدم ، ووسوس لآدم ، إلى حين مبعث المسيح ، والرب قادر على عقوبته ، وبنو آدم لا عقوبة عليهم في ذنب أبيهم !!
" ومن رحمة الله به كذلك أن جعل باب التوبة مفتوحاً له في كل لحظة . فإذا نسي ثم تذكر ، وإذا عثر ثم نهض ، وإذا غوى ثم تاب .. وجد الباب مفتوحاً له ، وقبل الله توبته ، وأقال عثرته . فإذا استقام على طريقه بدّل الله سيئاته حسنات ، وضاعف له ما شاء . ولم يجعل خطيئته الأولى لعنة مكتوبة عليه وعلى ذريته . فليست هنالك خطيئة أبدية . وليست هنالك خطيئة موروثة ، ولا تزر وازرة وزر أخرى .
إن الأمر في التصور الإسلامي أيسر من هذا بكثير.. لقد نسي آدم وأخطأ.. ولقد تاب واستغفر. ولقد قبل الله توبته وغفر له .. وانتهى أمر تلك الخطيئة الأولى ، ولم يبق منها إلا رصيد التجربة الذي يعين الجنس البشري في صراعه الطويل المدى .. أية بساطة ! وأي وضوح ! وأي يسر في هذه العقيدة ! " انتهى من " في ظلال القرآن " (3/ 1274) .
وللتوسع ينظر جواب السؤال رقم : (42573) .
والله أعلم .
فكيف تعاقب الذرية من عهد آدم عليه السلام إلى قيام الساعة على ذنب واحد قد تاب منه صاحبه ، وتاب الله عليه ، وطويت صفحته ، والله عز وجل أرحم من أن يؤاخذ الناس كلهم بأكل والدهم من الشجرة .
ولو تأملنا لوجدنا أنه سبحانه خلق آدم عليه السلام أول ما خلقه ليعبد الله في الأرض ، وليكون خليفة فيها يعمرها بطاعة الله ، قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/30. وإنما كان ما جرى له في الجنة ابتلاء واختبار ليكون عبرة لمن بعده إلى قيام الساعة ، وليس عقوبة لذريته على خطيئته السابقة .
ثم إن العقوبة تستلزم أحد أمرين : إما إلحاق العذاب ، أو الحرمان من خير أعطيه ، وكلا المعنيين لم يقع في حال بني آدم
فقولك في بداية سؤالك : " لو لم يعص آدم ربه لكان البشر جميعًا في الجنة الآن " غير مسلّم وليس بلازم ، فقد خلق الله عز وجل الإنسان ليعبده بإرادته الحرة ، وأخبر الملائكة أنه سبحانه سيخلق خليفة في الأرض ، يختلف في خلقه وتكوينه عن الملائكة ، فاستخلاف البشر في الأرض أمر مقدر قبل خلق آدم عليه السلام ، وقبل أكله من الشجرة
الله لا يجعل الذنب ذنبا لمن لم يفعله ؛ فإنه هو القائل : ( ولا تزر وازرة وزر أخرى )، فمن الممتنع أن يضاف إلى محمد صلى الله عليه وسلم ذنب آدم صلى الله عليه وسلم ، أو أمته ، أو غيرهما . وقد قال تعالى : ( فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم )، وقال تعالى : ( فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك )، ولو جاز هذا لجاز أن يضاف إلى محمد ذنوب الأنبياء كلهم " انتهى من " مجموع الفتاوى " (10/ 314)
ويقول أيضا رحمه الله :
" معلوم أن إبراهيم كان أبوه كافرا ولم يؤاخذه الله بذنب أبيه ، فكيف يؤاخذه بذنب آدم وهو أبوه الأبعد ، هذا لو قدر أن آدم لم يتب ؛ فكيف وقد أخبر الله عنه بالتوبة ؟ ثم يزعمون أن الصلب الذي هو من أعظم الذنوب والخطايا : به خلَّص الله آدم وذريته من عذاب الجحيم ، وبه عاقب إبليس ، مع أن إبليس ما زال عاصيا لله مستحقا للعقاب ، من حين امتنع من السجود لآدم ، ووسوس لآدم ، إلى حين مبعث المسيح ، والرب قادر على عقوبته ، وبنو آدم لا عقوبة عليهم في ذنب أبيهم !!
" ومن رحمة الله به كذلك أن جعل باب التوبة مفتوحاً له في كل لحظة . فإذا نسي ثم تذكر ، وإذا عثر ثم نهض ، وإذا غوى ثم تاب .. وجد الباب مفتوحاً له ، وقبل الله توبته ، وأقال عثرته . فإذا استقام على طريقه بدّل الله سيئاته حسنات ، وضاعف له ما شاء . ولم يجعل خطيئته الأولى لعنة مكتوبة عليه وعلى ذريته . فليست هنالك خطيئة أبدية . وليست هنالك خطيئة موروثة ، ولا تزر وازرة وزر أخرى .
إن الأمر في التصور الإسلامي أيسر من هذا بكثير.. لقد نسي آدم وأخطأ.. ولقد تاب واستغفر. ولقد قبل الله توبته وغفر له .. وانتهى أمر تلك الخطيئة الأولى ، ولم يبق منها إلا رصيد التجربة الذي يعين الجنس البشري في صراعه الطويل المدى .. أية بساطة ! وأي وضوح ! وأي يسر في هذه العقيدة ! " انتهى من " في ظلال القرآن " (3/ 1274) .
وللتوسع ينظر جواب السؤال رقم : (42573) .
والله أعلم .
تعليقات
إرسال تعليق